فلسطين : أرض الزيتون و العنب المشهد الثقافي لمدرجات جنوبي القدس ،بتير(1492)

يقع المشهد الثقافي لمدرجات جنوب القدس على بعد 7 كيلومترات جنوب غرب القدس، ويمتد على طول سلسلة من الوديان تبدأ من وادي المخرور غرب مدينة بيت جالا باتجاه قرية حوسان، ويحيط بقرية بتير. تعتبر هذه المدرجات جزء هام من المشهد الثقافي لمرتفعات فلسطين الوسطى الممتدة من نابلس في الشمال الى الخليل في الجنوب، وتمثل شاهدا ماديا على تفاعل الانسان مع الطبيعة وتأثيره في تشكيل مشهدها وتطويعه لخدمته منذ آلاف السنين وحتى هذه الايام.

يشتمل الموقع على ممرات مشاة تقليدية، يستخدمها المزارعون من سكان بتير وحوسان وبيت جالا للتنقل في أراضيهم، وعلى العديد من المستوطنات البشرية القديمة، التي تطورت حول الينابيع الكثيرة التي تنتشر في المنحدرات الجبلية. وقد ساهمت هذه المستوطنات، التي يعود الكثير منها إلى العصور البرونزية (الألف الرابع قبل الميلاد)، في إنشاء مشهد ثقافي فريد، يتكون من مدرجات زراعية مدعومة بجدران من الحجارة الجافة، وأبراج مراقبة زراعية (مناطير أو قصور)، ومعاصر زيت الزيتون، وبرك ري قديمة تجمع المياه المتدفقة من الينابيع، وقنوات الري القديمة وغيرها من بقايا المستوطنات البشرية (الخرب).ويعد نظام توزيع المياه التقليدي – الذي مازال مستخدما في بتير- نظام وتقليد قديم يوفر المياه للمدرجات الزراعية بناء على عملية حسابية بسيطة تقوم على تناوب الري وفق تقاليد متوارثة تضمن عدالة التوزيع وفق جدول زمني واضح.

لقد تم تسجيل الموقع “فلسطين: أرض الزيتون والعنب. المشهد الثقافي لمدرجات جنوبي القدس، بتير، فلسطين- على لائحة التراث العالمي في عام 2014، وفقا للمعيارين الرابع و الخامس، وعلى لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر في نفس العام، بعد أن تم إدراك أن المشهد الثقافي كان مهددا بصورة كبيرة بسبب التحولات الجيوسياسية والاجتماعية والثقافية، مع إمكانية التسبب بإضرار لأصالة الموقع وسلامته بصورة لا يمكن إصلاحها- مشيرا بشكل محدد إلى بداية بناء جدار إسرائيلي قد يعزل المزارعين المحليين عن الحقول التي زرعوها منذ قرون.

وتتجلى الأهمية العالمية الاستثنائية للموقع في عمارة السناسل الحجرية الجافة للمدرجات الزراعية نموذجا بارزا لتطور المشهد الثقافي للمستعمرات البشرية القريبة من مصادر المياه، وتحويل الأراضي الوعرة الى أراض زراعية منتجة. ويعد نظام الري التقليدي لهذه المدرجات شاهدا على تطوير خبرات تكنولوجية زراعية مميزة ساهمت في تكوين المشهد الثقافي لهذه المنطقة وأصبحت جزء لا يتجزأ منه. كما يعتبر موقع بتير الاستراتيجي وينابيعها من أهم العوامل التي جذبت الانسان للاقامة فيها والتكيف مع منحدراتها الطبيعية الوعرة وتحويلها الى أراضي زراعية. وتمثل هذه المدرجات نموذجا مميزا لاستخدام الارض وتعبر عن ثقافة غنية عكست تفاعل الانسان مع الطبيعة منذ آلاف السنين، وذلك من خلال ممارسة أنشطة وأساليب زراعية تقليدية تعد واحدة من أقدم أساليب الزراعة المعروفة التي أثرت في تكوين مشهدها الثقافي الفريد، ووفرت مصدر هام لمعيشة المجتمع المحلي.